الرئيسة \  مواقف  \  معارضون سوريون يتباكون على أدوات الجريمة بيد الأسد!!.. معضلة المشاعر المختلطة في القلوب وعلى الألسن

معارضون سوريون يتباكون على أدوات الجريمة بيد الأسد!!.. معضلة المشاعر المختلطة في القلوب وعلى الألسن

21.10.2021
زهير سالم



زهير سالم*

وجهة نظر :

معارضون سوريون يتباكون على أدوات الجريمة بيد الأسد!!
معضلة المشاعر المختلطة في القلوب وعلى الألسن

تفجير حافلة عسكرية في دمشق ومقتل أربعة عشر عسكريا من جنود الأسد وربما بعضهم مجرد مجندين..
وقصف أسدي على أريحا والشهداء خمسة عشر وبينهم أطفال تلاميذ مدارس خرجوا ولآمال في حقائبهم ..!!
والمعضلة الأكبر التي تابعناها اليوم أن بعض الشخصيات الفاعلة والمؤثرة، والممسكة بالقرار في صفوف المعارضة تختلف في تقويم الحدثين ..!!
وبعضهم مع الأسف يدين مقتل العسكري أكثر أو كما يدين مقتل التلميذ!! وبعضهم في فعل مراء ومراوغ يحاول يتباهى بإنسانيته وبوطنيته وهو يوازى بين الضحية والجلاد ..ولاسيما وأن الجلاد متمكن أمكن، وهو الممسك بالغد المرجو المأمول وأن الضحية مجرد ضعيف مستضعف..
في اعتبارنا الشرعي والوطني، والديني والمدني..
كل القتلى الذين سقطوا ويسقطون في سورية محسوبون جرميا على بشار الأسد وداعميه. وهذا أول الكلام وآخره، ومدخله ومخرجه ، ومقامه وبسطه، وتربيعه وجزره. من حقك أن تبكي على من شئت على أن لاتنسى أن تحمل المسئولية الأولى والآخرة للمجرم الأول الذي جر على سورية وأهلها كل هذا الدمار ...
 بشار الأسد هو من جعل طبقة من السوريين قتلة ومجرمين وشبيحة وسلطهم على أهليهم في سورية، على سوريين مثلهم...
حسن نصر الله وميشيل عون وبشار الأسد هم جعلوا من طبقة من الشعب اللبناني قتلة ومجرمين وشبيحة ..
الولي الفقيه هو من جعل من طبقات من العراقيين والإيرانيين والأفغان والباكستانيين قتلة ومجرمين وشبيحة ..
وبوتين هو من أجلب علينا بالفاغنر ومشتقاتها ..
احفظوا هذا فوا تنسوا هذه الحقيقة أبدا .
حتى الطبقة من المواطنين العلويين التي كانت منذ أيام " سوزان محمد علي" تغلظ لهم القول، هم في اعتقادنا ورأينا ضحايا جريمة بشار الأسد، لوليسوا ضحايا الثورة، ولا ضحايا الثوار، لم يخرج الثوار ينادون بقتل أحد وإنما خرجوا يطالبون بالعدل والحرية وبس ..!!
أحفظ من آلاعيب الإخراج السينمائي ، وبعض المخرجين يحاولون أن يزرعوا في قلوب الناس فظاعة عمليات القصاص، واللحظات الصعبة لتنفيذ حكم الإعدام بالتصوير البطيء ، والتفاصيل المملة، ويجملون ويتجاوزن عن تصوير جلوس المجرم الخنزير القاتل المغتصب على صدر الضحية ثم يتلذذ بسومها سوء العذاب ..
لعبة خلط الأوراق قبيحة، ومريبة ، وغير بريئة، وأحيانا مشاركة في الجريمة. أنحن نقرر أن كل الذين قتلوا في سورية أولا ووسطا ونهايو من السوريين هم على العموم ضحايا ..وقاتلهم واحد هو بشار الأسد وداعموه، وهو وحده المسئول عن كبير الجرم وصغيره ومبتداه وخاتمته ...

ولو أردت أن أحدد موقفا من عملية قتل هؤلاء الجنود فسأعلن النكير على المجرم الأول الذي حول الشباب السوري الجميل إلى زمر من القتلة والشبيحة والمجرمين، وسلط السوريين بعضهم على بعض، ولن أستنكر أبدا على مظلوم يدفع عن نفسه شر ظالمه الصائل الذي كان يريد قتله..لو لم يسبق إليه !!
ومرة أخرى خلط الأوراق مريب وخلط الأوراق غير بريء..
وأقول لكل أطراف المعادلة من السوريين:
لا تختلفوا كثيرا في مسئولية أداة الجريمة، واتفقوا على إدانة المجرم الأول... كان " شيخو " جلاد أليف وزة ثم عمر حميدة في حلب يسلخ جلود السوريين من أجل 300 ليرة في الشهر ، يذهب بها عند المساء بربطة خبز لأسرته، ولعله يشتري كيلو موز ليفرح به أطفاله...
والذين يفكرون بهذه الطريقة الشاعرية المرهفة، لا يفجرون الثورات، ولا يفرضون أنفسهم عليها، ولا يتحكمون في قرارتها ومصيرها ..المنطق الثوري، ومنطق الانتصاف، والانتصار من الظلم، ومنطق رد البغي والعدوان هو منطق آخر ..
لقد اختار بشار الأسد منطق السلاح، وطريقته، وأسلوبه وقطع بهذا كل طرق الآخرين الأيسر والأسهل والأقرب ، وحاصر السوريين في مربع " فما حيلة المضطر إلا ركوبها" (وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) وكان وما زال كرها لنا ، ولكن الارتداد باللوم على الذات ليس فعل العقلاء ولا البرآء ..
كان في تجارب العرب، الكثير من اصحاب المشاعر المختلطة يعيشون الأزمة بأبعادها. التعبير عن المشاعر الجوانية في بعض المواطن يكون ضربا من التخاذل أو التخذيل ...
أصحاب المنطق الأول قد يكونون شعراء، وقد يكتبون روايات ، وقد يطرزون أفكارهم بمشاعرهم...ولكنني المكتوين بسارين الجلاد، وببراميله، وبقنابله لا يحتملون ولا يسوغون ما يقوله " السرياليون " الحالمون في عالم لا يكون فيه لون الدم لازورديا أبدا ... !!
كان الشاعر العربي يعبر أحيانا عن هذا الاختلاط، أو عن هذه المأساة المزدوجة فيقول:
ونبكي حين نقتلكم عليكم ...ونقتلكم كأنا لا نبالي
وكان قيس بن زهير بن جذيمة ملك عبس وبعد حربه الطويلة ،يوم داحس والغبراء مع ابن عمه حذيفة بن بدر وقتله إياه قد لخص أحد وجوه هذه المأساة فقال:
شفيت النفس من حمل بن بدر ...وسيفي من حذيفة قد شفاني
فإن أك قد بردت بهم غليلي ..فلم أقطع بهم إلا بناني
إن شعورنا إزاء هؤلاء الذين جعلوا من أنفسهم أدوات للجريمة، في يد قاتلنا، شعور الإنسان وهو يفارق طرفه المصاب بالغرغرينا يقول له الطبيب، تقطعه أو يقتلك ..!!
المجرم الأول هو الأول، واختلاط المشاعر تجاه الأدوات مفهوم ، ولكن المظلوم لا الظالم هو دائما الأولى بالتناصر والأولى بالتعاطف والأولى بالرثاء ...
لندن: 14/ ربيع الأول / 1443
20/ 10 / 2021
____________
*مدير مركز الشرق العربي